Annonce

*** مبروك الادماج المباشر *** مبروك الادماج المباشر*** مبروك الادماج المباشر *** *** ***

mardi 23 septembre 2008


من طبيعتي ميولي إلى الهزل والمرح للترويح على النفس، حتى لا يمل قلبي الجد الكثير، وكنت ولا زلت من الذين يتناغمون مع أي إبداع فني أحس بعمقه وإنسانيته وجمالية أدائه، ذلك أن الفن دعوة إلى اكتشاف التطلع الإنساني نحو الكمال حيث السمو والرفعة، وتخليص للنفس الإنسانية من رغبات غريزتها الحيوانية وارتفاع بها إلى طهرانية يتميز فيها الإنسان بعطائه الإبداعي عن باقي المخلوقات الأخرى، هكذا كان الفن بالنسبة إلي ولا زال، إحساس بتناغم جميل مع الطبيعة والحياة والكون ونبل الغايات الإنسانية،أحببت المسرح وكذا السينما وكنت أميل إلى دراميتهما وكذا هزلهما المتميز، ولم أتردد في أن أعلن إعجابي بمشهد حرك شيئا جميلا ومتميزا في داخلي، تلك كانت مقدمة ضرورية في تقديري لكي أقول كلمات قصيرة على ضوء ما أشاهده في هذه الأيام الرمضانية على شاشتنا"الموقرة" وأنا على مائدة الإفطار،
لفت انتباهي إقحام تعسفي في سلسلة فكاهية تعرضها هذه الأيام تلفزتنا" الموقرة"، لقضية يشخصها أحد الممثلين حول الإطار المعطل، وتبين لي أن في إقحام هذه القضية تعسفيا في سلسلة فكاهية وإن اختلف البعض في تقييمها فنيا وكوميديا، جناية على من يقيمون فطورهم في شوارع الرباط، ومن قضوا زهرة شبابهم طالبين للعلم والمعرفة، ومن هم خيرة أطر البلاد، هؤلاء المعتصمون في شوارع الرباط، المنادون بملإ حناجرهم بمطلب واحد هو إدماجهم في الوظيفة العمومية،
هل يستحقون أن تجعلهم هذه السلسلة الفكاهية وأصحابها الذين "أبدعوا" في كتابة سيناريوها وحوارها، مادة للضحك ولإضحاك الملايين من المغاربة، وهم يعلمون أن بفعلهم هذا يسهمون في إهانة هذه الأطر وبالتالي إهانة البلاد بإهانة أطرها؟، ماذا يعني أن يأتي من يشخص قضيتهم بهيئة هي أشبه بهيئة متسكع في الطرقات ويتحدث بلهجة غريبة وبقاموس غريب عن أوساط هؤلاء المعطلين حاملي الشهادات العليا،، ماذا يعني أن تختزل مطالبهم إلى رغبة يشخصها كلامه في حب الشوارع والاعتصامات وكأن الصورة الأصلية لهؤلاء هي هذه التي يجسدها هذا الممثل، صورة المعطل في هذه السلسلة تبعث لدى متلقيها إحساسا بالاشمئزاز بحالته وليس إحساسا بالتضامن،
كان من المفروض لمن وضع حوار هذه السلسلة أن يتشرف بزيارة هؤلاء في اعتصاماتهم، ويفهم معاناتهم و"يستنبط" قاموسهم الحقيقي ومستواهم الثقافي والعلمي الحق، قبل أن يقدم على كتابة كلمات حوار متدنية المستوى،لتأتي الصورة تقول هؤلاء ديال العصا وديال الضرب والمأساة وكل ما يبعث على التقزز من سماعه، أهكذا نتضامن مع خيرة أطر البلاد المهمشين؟، ثم يبلغ التهكم مداه لإضخاك الناس دون هدف إنساني نبيل فيتحدث أحدهم في السلسلة عن عدد الدكتوراة الحاصل عليها صاحبنا ويبدأ في تعدادها، ويثير كلمات وعناوين وأسماء تبعث على النفور من طلب العلم ومن الاجتهاد ومن الرغبة في الرقي المعرفي، وكأني بهؤلاء الذين يقضون شتائهم وصيفهم بشوارع الرباط أصحاب كهنوت يحملون طلاسم لا يفهمها إلا هم، ويمتلكون شهادات علمية غريبة وعجيبة "أدب فينيقي" فرعوني..." وهكذا، أليس من العار ومن الجناية الكبرى أن تصور مأساتهم اليومية التي ما بعدها مأساة بجرة قلم في حوار يجسد في مشاهد بئيسة تعرض يوميا على شاشتنا"الموقرة"، ولماذا لا تتحدث تلفزتنا "الموقرة" بالمقابل في نشراتها الإخبارية عن نضالاتهم اليومية وعن مآسيهم مع القوات العمومية وعن الضرب وعن الجرح وعن القمع اليومي الذي يتعرضون له وعن سيارات الإسعاف التي تظل تجوب شوارع الرباط معهم حاملة جرحاهم ومصابيهم، وعن إفطاراتهم باالتمر والماء، وياللأسى عرضتها قناة تلفزية أجنبية وتضامنت مع هؤلاء المعطلين، وأعادت شيئا من بسمتهم المسروقة، "
حقا حين يصبح إضحاك الناس بمأساتهم نقول "هزلت والله هزلت" الله ياخذ الحق.
أحمد الأنصاري بوعشرين مكناس