Annonce

*** مبروك الادماج المباشر *** مبروك الادماج المباشر*** مبروك الادماج المباشر *** *** ***

jeudi 24 juillet 2008

بينيات معـطـل

بين حصولك على شهادة عليا في إحدى الجامعات المغربية، وبين حلمك بمستقبل رغد هنيء يعوضك سنوات الكد والبذل والعطاء، تجد نفسك في مواجهة شبح البطالة الذي ينهش جسدك بأنيابه البارزة.
بين انضمامك إلى مجموعة من المعطلين المرابطين بالعاصمة الرباط، وبين اندماجك في بوثقة هذا الجسم الجديد، تجد مسار حياتك قد انقلب في اتجاه المجهول.
بين كر و فر أو مسيرة احتجاجية أو صمود بالسلاسل، وبين مطاردات متتالية لرجال الأمن من مختلف الأطياف والألوان، تجد نفسك قد تحولت من إطار مثقف إلى مشاغب مشتبه فيه، لا لشيء إلا لأنك تطالب بكرامتك وتدافع عن حقك في بلد قلت فيه الكرامة والإنسانية.
بين نهجك سياسة تقشفية صارمة حيال معيشك اليومي، وبين قلة مواردك المالية وجفافها أحيانا، تجد أن نسق عيشك يسير في الاتجاه المعاكس، وأن ذاتك في صراع مرير مقاومة منها للإحباط واليأس وانسداد الأفق، والغربة في وطننا لا في أوطان غيرنا.
بين وعود كاذبة في التشغيل، ومحاولة استغلال لملف المعطلين من قبل مسؤولين لا إحساس لهم، وبين خلط وعجن لمصير هذه النخبة المثقفة بالصراعات السياسية الجوفاء، والحملات الانتخابية الموسمية، تجد أن حقك قد أجهز عليه، وأجل منحك إياه إلى أجل غير مسمى.
بين نفاق ملفوف بلغة الالتزام وتطبيق القانون، وبين وجوب توفرك إضافة إلى شهادتك العليا على انتماء حزبي أو سند مادي ومعنوي، تجد أن من يروج لمفهوم الكفاءة واهم لا محالة، وأن من يدافعون عن جودة التعليم هم أول من يطعنه من الخلف.
بين اتساع العبارة، وضيق مجال الحقوق، وبين نضال مستميت من أجل انتزاع حق قانوني ودستوري وإنساني، تجد أن مسارك مليء بالصعاب، وضريبته باهظة الثمن، لكن لا شيء من كل هذا يقف أمام قناعتك الراسخة.
بين هذا وذاك هناك فسحة أمل تسكن شعور كل معطل في أن موقعه وسط رقعة هذا الوطن لا بد أن يتغير يوما ما.
محمد هديدي
عضو التنسيقية الوطنية للأطر العليا المعطلة
h
didi_med@hotmail.com